481 - المعارضة الاستئنافية ومنظورها بين أحكام محكمة التمييز والقانون - المشورة للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم لصاحبته المحامية زينب محمد

“” أحكام السقوط أمام محكمة الاستئناف سابقا وحديثا “”

ولما كان المعتاد عليه قانونا والدارج عملا من حيث الإجراءات القضائية إنه في حال صدور حكما من محكمة الاستئناف ومنطوقة ( غيابيا بسقوط الاستئناف ) – في هذه الحالة كان يتقدم الطاعن ويطعن علي ذلك الحكم بطريق المعارضة الاستئنافية وبعد تحديد جلسة لنظر المعارضة وعند حضور المتهم بشخصه أمام محكمة الاستئناف فما كان من المحكمة إلا الخوض في الموضوع وصدور حكمها وذلك بعد توافر شرط حضور المعارض بشخصه أمامها , إلا انه قد صدر حديثا مبدأ قضائي صادر من محكمة التمييز صدر بموجب الطعون أرقام (730/2018 , 230/2021 تمييز جنائي ) وكان مفاد ذلك المبدأ إنه

(( ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻐﻴﺎﺑﻲ الإستئنافي ﻟﻢ ﻳﻘﺾ ﺇﻻ ﺑﺴﻘﻮﻁ الاستئناف ، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻌﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ ﺃﻥ ﺗﻔﺼﻞ ﺃﻭﻻ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻓﻴﻪ ، ﻓﻴﻤﺎ ﻗﻀﻰ بيه ﻣﻦ ﺳﻘﻮﻁ الاستئناف ، ﻓﺈﻥ ﺭﺃﺕ ﺃﻥ ﻗﻀﺎﺀﻩ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪ هذا الحد ، ﻭﺇﻥ ﺭﺃﺕ ﺃﻧﻪ ﺧﺎﻃﺊ ﺃﻟﻐﺘﻪ ، ﺛﻢ ﺗﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ بما تراه بشأنها))

 

– بما معناه أن المستأنف حال تغيبه عن الحضور في الاستئناف لحكم قاضي بعقوبة مقيدة للحرية بأول درجة وأصدرت محكمة الاستئناف حكما غيابيا بسقوط الاستئناف فعند تقدم المستأنف لعمل معارضة وحضوره بشخصه أمام المحكمة فان المحكمة في هذه الحالة يتوقف دورها فقط استبيان مدي صحة الحكم الصادر في الاستئناف (غيابيا بسقوط الاستئناف) فإذا وجدته صحيح وقفت عند هذا الحد (أي أن المحكمة لا تنظر أو تدخل في موضوع الدعوي) وعلي المعارض أن يتقدم بعذر قهري منعه من الحضور أمام محكمة الاستئناف

ولما كان ذلك القول مردود عليه بثلاثة أوجه نبينها كما يلي :

1- الوجه الأول إن ذلك المبدأ الحديث فيه مخالفة صريحة لنص المادة  267 من قانون الإجراءات الجنائية

حيث نصت المادة 267 إجراءات جنائية علي انه (( يترتب على المعارضة، إعادة نظر الدعوى، بالنسبة إلى المعارض، أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي……..))

– ومن صريح النص يتضح إن الآثار المترتبة علي الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية هي إعادة النظر في الدعوي أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي سواء كانت أول درجة أو محكمة الاستئناف وهذا ما أكدته المادة  287إجراءات جنائية علي انه (( يُتبع في الأحكام الغيابية والمعارضة فيها أمام محكمة الاستئناف ما هو مقرر أمام محكمة أول درجة.))

 

وحيث انه يتضح من مؤدي نص المادة 267 إجراءات جنائية إن محكمة الاستئناف حال صدورها حكما غيابيا بسقوط الاستئناف فعند حضور الطاعن بشخصه بالمعارضة الاستئنافية يتوجب عليها نظر الموضوع وإعادة نظر الدعوي , إضافة كما أن قانون الإجراءات الجنائية في مجملة لم ينص صراحة علي تقديم دليل عذر إلا في حالة واحدة فقط وهي في حالة الطعن بالمعارضة الصادرة علي الحكم الحضوري الاعتباري وذلك وفقآ لما نصت عليه المادة 265 إجراءات جنائية.

 

2- الوجه الثاني للرد علي المبدأ هو تفويت المبدأ لدرجة من درجات التقاضي

حيث إن مبدأ التقاضي على درجتين هو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها فانه يستفهم من مبدأ محكمة التمييز بان الطاعن حال تقدمه بالحضور بشخصه بالمعارضة الاستئنافية فان المحكمة لن تنظر إلي موضوع الدعوي رغم مثلوه شخصيا أمامها ولذلك فان الحكم الأخير لمحكمة التمييز فوت درجة من درجات التقاضي علي الطاعن وهي مرحلة الاستئناف

3- الوجه الثالث للرد علي المبدأ المذكور هو إن المبدأ مخالف لمبدأ سابق أصدرته محكمة التمييز ذاتها عام 2014

حيث قضي في الطعن رقم 27 لسنة 2014 الصادر بجلسة 16/6/2014 تمييز جنائي بأنه

مفاد المادة 282 إجراءات بان تقضي المحكمة الاستئنافية بسقوط الاستئناف إذ لم يمثل المطعون ضده أمامها بشخصه

وكانت الفقرة الأولي من المادة 267 إجراءات يستفاد منها بأن الدعوى عند التقرير بالمعارضة الاستئنافية تعود إلى الحال التى كانت عليها قبل صدور الحكم الغيابي،وكان البين من نص المادة 282 – أن القضاء بسقوط الاستئناف لا يكون إلا فى حالة عدم مثول المستأنف سواء عند نظر الاستئناف أو المعارضة فيه فإن تغيب فى الأولى ومثل فى الثانية – المعارضة – فإن المحكمة تكون ملزمة بنظر موضوع الدعوى وإلا يكون الشارع بهذا النص قد فوت على الطاعن – رغم مثوله للدفاع عن نفسه – درجة من درجات التقاضي 

فيتضح أن محكمة التمييز سابقا نصت صراحة علي أن المحكمة ملزمة بنظر الموضوع حال مثول الطاعن بشخصه في المعارضة الاستئنافية   , كما أكد الحكم علي أن القول بغير ذلك يكون الشارع بهذا النص قد فوت على الطاعن رغم مثوله للدفاع عن نفسه درجة من درجات التقاضي وهذا ما سبقنا الإشارة إليه في الحديث عن تفوت هذا المبدأ موضوع المقال لدرجة من درجات التقاضي علي الطاعنين

فمحكمة التمييز لم تبين صراحة عدولها عن مبدآ سابق أصدرته كما أنها لم تشير في أحكامها الصادرة بمضمون المبدأ الجديد بالأسباب التي دفعتها لتغير المبدأ السابق رغم عدم وجود ثمة تشريع قانوني جديد

لذلك فأننا نأمل إعادة النظر في ذلك المبدأ القانوني الحديث الصادر لمحكمة التمييز, لما له من الأثر في النظام القضائي وحرصا علي مصلحة المتقاضين علي حدا سواء وعدم فوات أي درجة من درجات التقاضي عليهم .

شارك على بنترست شارك على تمبر