img 2 - المعارضة الاستئنافية - المشورة للمحاماة والاستشارات القانونية والتحكيم لصاحبته المحامية زينب محمد

لما كان الثابت قانونا والدارج عملا من حيث الإجراءات القضائية أنه في حال صدور حكم من محكمة الاستئناف ومنطوقة (غيابيا بسقوط الاستئناف) – في هذه الحالة كان يتعين على الطاعن أن يطعن على ذلك الحكم بطريق المعارضة الاستئنافية وبعد تحديد جلسة لنظر المعارضة الاستئنافية وحضوره بشخصه أمام محكمة الاستئناف فما كان من المحكمة إلا الخوض في الموضوع وصدور حكمها دون إبداء أي أعذار حالت دون حضوره أمامها في الاستئناف، إلا انه قد صدر حديثا مبدأ قضائي صادر من محكمة التمييز صدر بموجب الطعون أرقام (730/‏2018, 230/‏2021 تمييز جنائي) وكان مفاد ذلك المبدأ أنه

(ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻐﻴﺎﺑﻲ الاستئنافي ﻟﻢ ﻳﻘﺾ ﺇﻻ ﺑﺴﻘﻮﻁ الاستئناف، ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺘﻌﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ الاستئنافية ﺃﻥ ﺗﻔﺼﻞ ﺃﻭﻻ ﻓﻲ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺽ ﻓﻴﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﻗﻀﻰ به ﻣﻦ ﺳﻘﻮﻁ الاستئناف، ﻓﺈﻥ ﺭﺃﺕ ﺃﻥ ﻗﻀﺎﺀﻩ ﺻﺤﻴﺢ ﻭﻗﻔﺖ ﻋﻨﺪ هذا الحد، ﻭﺇﻥ ﺭﺃﺕ ﺃﻧﻪ ﺧﺎﻃﺊ ﺃﻟﻐﺘﻪ، ﺛﻢ ﺗﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮﻉ ﺍﻟﺪﻋﻮﻯ بما تراه بشأنها).

بما معناه أن المستأنف حال تغيبه عن الحضور في الاستئناف لحكم قاض بعقوبة مقيدة للحرية بأول درجة وأصدرت المحكمة حكما غيابيا بسقوط الاستئناف

فعند تقدم الطاعن بمعارضة استئنافية على ذلك الحكم القاضي غيابيا بسقوط الاستئناف فإن المحكمة في هذه الحالة يتوقف دورها فقط على استبيان مدى صحة الحكم الصادر في الاستئناف (غيابيا بسقوط الاستئناف) فإذا وجدته صحيحا وقفت عند هذا الحد (أي أن المحكمة لا تنظر أو تدخل في موضوع الدعوى رغم حضور الطاعن بشخصه أمامها) وعلى المعارض أن يتقدم بعذر قهري منعه من الحضور أمام محكمة الاستئناف.

وحيث ان هذا القول مردود عليه بثلاثة أوجه قانونية نبينها كما يلي:

الوجه الأول أن ذلك المبدأ الحديث فيه مخالفة لنص المادة 267 من قانون الإجراءات الجنائية

حيث نصت المادة 267 إجراءات جنائية على أنه (يترتب على المعارضة، إعادة نظر الدعوى، بالنسبة إلى المعارض، أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي……..).

ومن صريح النص يتضح أن الآثار المترتبة على الطعن بالمعارضة في الأحكام الغيابية هي إعادة النظر في الدعوى أمام المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي سواء كانت أول درجة أو محكمة الاستئناف، وهذا ما أكدته المادة 287 إجراءات جنائية على انه (يُتبع في الأحكام الغيابية والمعارضة فيها أمام محكمة الاستئناف ما هو مقرر أمام محكمة أول درجة).

الوجه الثاني للرد على هذا المبدأ هو تفويت درجة من درجات التقاضي

حيث إن مبدأ التقاضي على درجتين هو من المبادئ الأساسية للنظام القضائي التي لا يجوز للمحكمة مخالفتها فإنه يستفهم من مبدأ محكمة التمييز بأن الطاعن حال تقدمه بالحضور بشخصه بالمعارضة الاستئنافية فإن المحكمة لن تنظر إلي موضوع الدعوى رغم مثوله شخصيا أمامها، ولذلك فإن الحكم الأخير لمحكمة التمييز فوت درجة من درجات التقاضي على الطاعن وهي مرحلة الاستئناف.

الوجه الثالث للرد على المبدأ المذكور هو أن المبدأ مخالف لمبدأ سابق أصدرته محكمة التمييز

حيث قضي في الطعن رقم 27 لسنة 2014 الصادر بجلسة 16/‏6/‏2014 تمييز جنائي بأنه

مفاد المادة 282 إجراءات بأن تقضي المحكمة الاستئنافية بسقوط الاستئناف إذا لم يمثل المطعون ضده أمامها بشخصه.

وكانت الفقرة الأولي من المادة 267 إجراءات يستفاد منها بأن الدعوى عند التقرير بالمعارضة الاستئنافية تعود إلى الحال التي كانت عليها قبل صدور الحكم الغيابي، وكان البين من نص المادة 282 – أن القضاء بسقوط الاستئناف لا يكون إلا في حالة عدم مثول المستأنف سواء عند نظر الاستئناف أو المعارضة فيه فإن تغيب في الأولى ومثل في الثانية – المعارضة – فإن المحكمة تكون ملزمة بنظر موضوع الدعوى، وإلا يكون الشارع بهذا النص قد فوت على الطاعن – رغم مثوله للدفاع عن نفسه – درجة من درجات التقاضي.

وعلي الرغم من أن ذلك المبدأ فيه تسريع للإجراءات ونرى أنه مؤيد للعدالة الناجزة ويحفظ حقوق المتقاضين خاصة المدعين بالحق المدني

إلا أننا نرى ضرورة ان يسبق هذا المبدأ تعديل تشريعي صريح يؤيده ويتضح على الكافة فحواه، وذلك حرصا على مصلحة المتقاضين على حد سواء وعدم فوات أي درجة من درجات التقاضي على المتهمين.

شارك على بنترست شارك على تمبر